سهم الشيطان
جلوسه الطويل في المقهى، وتوزيعه للابتسامات مجاناً، وإصلاحه لهندامه بين الفينة والفينة، جذب أنظارنا إلية.
***
جالسة منذ فترة طويلة في شرفة منزلها تقرأ لها كتاباً، وأنظار صاحبنا متوجهة إليها , وهي تداعب خصلات شعرها المفحم غير قاصدة ، لم تلاحظه وهو يرسل نظراته الانشطارية من قاعدته في المقهى .
نهضت , فنهضت روحه معها , انتظرها على نار النارجيلة التي أمامه , وعند عودتها , انتبهت له ولحركاته الغريبة , فابتسمت له بغضب , فأهداها ابتسامته الجديدة والكبيرة ضناً منه بأن الجو قد صفا له , فأشارت له بالانتظار , فرح وشرب كأس الشاي في نفسٍ واحد , ثم رتب نفسه من جديد بعد أن جفف عرقه .
***
فوجئنا ونحن جالسون بهجومٍ كاسح من عملاقٍ لا نعرف من أين خرج , حاولنا تهدئة الوضع فلم نستطع , فهذا الجبار العنيد شرسٌ إلى أبعد الحدود , كل من حاول الاقتراب منه يمسكه ويبعثره مع أحد الطاولات , لولا رجال الشرطة لكنا من الهالكين , كنا نحاول أبعاد هذا المتعجرف عن صاحبنا المسكين الذي نقل إلى العناية المركزة .
***
عُدنا بعد ذلك اليوم الكئيب إلى ذلك المكان الكئيب ، فوجدنا صاحبنا وقد جلس في إحدى زوايا المقهى الداخلي بعيداً عن أعين الناس ، وقد أخفى وجهه عنهم ، ساتراً تلك الكدمات التي أُصييب بها من قبل ذلك العملاق .