في وقت أصبح وجود متحدث لكل جهة أمرا مهما
"سعفة بنت الوطن " .. متحدث عصري " بإسم تراث السعودية
المملكة العربية السعودية / جدة
كان أول ضحايا الحضارة المتسارعة أحتجاب الموروث الشعبي للأمم ، تسربه من ذاكرة الأجيال ، و أحياناً يوارى بالعمد تحت تراب النسيان خجلاً ، أو إستهجاناً ، و بالتالي فأن بعثه ، و تجديده ، كذلك إعادة الأعتبار له ، و منحه كسوة عصرية يحتاج إلى جهد فكري و مالي يتهرب من تبنيه أصحاب المال و الفكر إلا ما ندر .
يركض قلة من الرجال و النساء المميزون في الوطن العربي نحو الموروث الشعبي ، يمدون أيديهم له ، لعلهم يستطيعون رفعه من وحل النسيان قبل أن تغيب شمسه إلى الأبد ، و تصبح أممهم مسخ ، مجرد حالة نسخ من ثقافات عصرية لشعوب تتناثر في مشرق الأرض و مغربها .
تتنامى في الوطن العربي مشاريع ساعية لأنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموروث الشعبي ، و تحويله إلى جزء من ذاكرة الشارع العصري، و الإستناد له في إعادة صياغة مفاهيم ، ثقافات، و سلوكيات من شأنها تعزيز روح المواطنة ، و رتق شقوق الفرقة بين شعوب الأمة الواحدة ، مع رفع مستويات الأحترام المتبادل لموروث كل بقعة جغرافية ، وهذا ما يحدث حالياً في السعودية من خلال مشروع "سعفة بنت الوطن " المناط بها كما يقول مؤسسيها " أوجدناها كي تكون المتحدث الشعبي باسم الموروث الشعبي السعودي " .
صعدت " سعفة " قبل ما يقارب السنه على مسرح الوعي السعودي بمواصفات تم أختيارها بعناية ، فهي خمسينيه العمر ، حديدية الذاكرة ، حريرية القلب ، ذكية اللفظ ، لماحة القول ، متحمسة لنفض غبار النسيان عن موروث السعودية ، مشغولة بحقن الأحفاد بتاريخ الأجيال ، تتمسك بقديم اللباس ، الطبخ ، و اللهجة ، موسوعية المعرفة ، و تطمح إلى إعادة صياغة و تسويق القديم بصيغة عصرية تتوافق مع طفرة التكنولوجيا .
كان البحث عن أسباب تكامل صورة "سعفة بنت الوطن " و قدرتها على تحقيق رفع لسقف الوعي الجمعي بالموروث السعودي يستوجب البحث عن بناة المشروع و إدارته ، فكان الجواب موجود على ناصية أحد طرقات مدينة جدة، حيث يتموضع مكتب مكتظ بشباب و فتيات مفعمين بالإبداع و النشاط ، ممتنين للمغفور لها بإذن الله صاحبة السمو الملكي الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز آل سعود ، بصفتها الباني الأول لمشروع سعفة .
تطرق باب مكتب فريق "مشروع سعفة بنت الوطن" فيسكن نظرك عند أول خطوة ولوج "سعفة بنت الوطن" ، صورة على حائط تكاد أن تمد يدها ترحيباً بزائرها ، مع ( اهلا و سهلا ) بلهجة محلية ، لم تنطق الصورة ، لكن كان كذلك الإيحاء .
يكررها أيضاً شاب سعودي ، يقود فريقا من المخططين والمستشارين والمصممين في المشروع ، كانت هي فاتحة اللقاء ، ليتحدث منصور آل نميس ، وهو المدير التنفيذي للمشروع ، قائلا ، قبل أن يبدأ جهاز التسجيل في وضع التشغيل : " هنا سعفة بنت الوطن ، السيدة التي كانت رسما على ورق قبل عامين ، لتصبح بدعم كبير، هي الناطق الشعبي بإسم التراث والحضارة والمستقبل في بلادنا الغالية " .
وعبر الواجهة الزجاجية التي تعكس روح الفريق الواحد وشفافيته ، يجلس مجموعة من الشبان السعوديين ، يشرفون على مشاريع سعفة التقنية ، يرتدون ثيابا حديثة ، ويبتسمون لصباحهم ، وهم يردون على أكثر من ألفي استفسار شهريا ، عن أسئلة تأتيهم من كل أنحاء العالم ، عبر مواقع مشاريع سعفه بنت الوطن الاجتماعية .
ويقول الفريق المشارك في بناء الشخصية الدرامية لشخصية سعفة بنت الوطن : " نعمل حاليا على اظهار سعفة دراميا، بفريق من المبدعين، نرى أنها خطوة كبيرة لنا لاثبات أن سعفة بنت الوطن، يمكنها الحضور بوعيها وفريقها في كل القضايا الاجتماعية.
وفي غرفة أخرى ملونة ، قالت عنها المسؤولة عن ادارة فريق من الاطفال المتطوعين، للمساهمة في رسم أحفاد ، أنها غرفة الغد : "عبر تواصل فريقنا الالكتروني مع عدد من الاسر، وجدنا أن طاقات خلاقة لاطفال مبدعين تستحق هذه المساهمة للمشروع الذي هو ملك الوطن، مضيفة: "نعمل وفق خطة مدروسة وعبر ورش عمل تتواءم واوقات الاطفال للخروج بعمل يصب في صالح اجيال سعفة بنت الوطن".
ثم يصب حديثه مباشرة موجها نظره للسماء : " أشكر الله ، كنا نحلم بسعفة بنت الوطن ، أن تكون اضافة لهذا المجتمع الحبيب ، كانت طاولتنا الصغيرة لا تخلو من النقاش الذي يصل أحيانا حد الجدل بين مجموعة الفريق الصغيرة آنذاك ، كان الحلم كبيرا والإمكانيات صغيرة ، لا تراها سوى في عيون الفريق .. "
ويحلق المدير التنفيذي ، لمشروع سعفة بنت الوطن ، مسترجعا ، ذكريات أكثر من 800 يوم ،منذ خرجت سعفة للوجود ، كان خيارنا أن تكون سعفة بنت الوطن ، جذورها في الماضي وفروعها في المستقبل ، كنا نريدها سيدة تتقن كل لهجات بلادها ، وتهتم بكل منطقة ومدينة وقرية وهجرة ، وتساهم في قراءة المستقبل عبر بوابة التقنية، لجيل يستطيع بنقرة واحدة ، أن يحتسي قهوة الحديث والمشاهدة مع أناس يبعدون عنه الاف الآميال ".
فيما يهتم فريق آخر بمتابعة وقراءة الاقتراحات اليومية ، حول مشاريع سعفه عبر موقع المشروع على الانترنت
www.saafah.net وعبر معرفها على تويتر @saafah ، لتصبح الساعة الخامسة ، كما يقول أحد أفراد الفريق هي " نهاية العمل اليومي، وبداية الارتباط الوجداني بسعفة عبر الايباد والايفون حتى صباح اليوم التالي".
وبالعودة لآل نميس ، وسؤاله عن تكلفة المشروع والاهداف منه والدعم الحكومي والاجتماعي، يقول : "لولا شخصيات تبنت وآمنت بالمشروع ربما لم يكن ليرى النور .. وحاليا نتعاون مع بعض الجامعات الأهلية، وبفريق من الجنسين، لبلورة جهد ابداعي معني بالتفكير الاستراتيجي، والتخطيط لتحويل مشروع سعفة بنت الوطن لقيمة اقتصادية وتربوية اكبر.. في وقت كانت فيه طاولة من 8 أشخاص.
كان منصور يتحدث بينما تدير اجتماعا خاصا بتطوير بعض البرمجيات والتقنيات في موقع سعفة التفاعلي ، " مانحتاج له هو دعم جهات لها نفس التوجه كهيئة السياحة والآثار، ووزارة التربية والتعليم، ومؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية"
ويتابع حول حجم التفاعل مع المشروع قائلا: "دراسات متخصصة اجراها فريقنا بالتعاون مع جهات بحثية، أشارت إلى أن95 في المائة من اجمالي 5 الاف اتصال هاتفي، يعرفون سعفة بنت الوطن، ويرونها مشروعا يستحق الدعم والتشجيع.. ومنذ أطلقنا المشروع تأتي مبادرات فردية واجتماعية كلها تبدي استعدادها لخدمة هذا المشروع".
سعفة بنت الوطن ، التي درس شخصيتها شباب سعوديون، ورسمتها شابة سعودية اختيرت ضمن متسابقين ومتسابقات لذات الغرض، هي اليوم تزين هذا المكتب الذي تنبعث بين جدرانه رائحة الحنين، وسنين البناء والتنمية، وأصوات أجداد يحفرون الصحراء ليتفجر النفط، وتنفطر الأرض عن زرع أخضر وبساتين من الشباب السعودي في كل مجالات المستقبل.
الشاهد، أن فريق المشروع الذي يزيد عن 36 شخصا ، و الذي كان يتابع عمله ، ودعنا عدد منهم برفقة مديرهم حتى باب المكتب، ولسان حماسهم يقول : "وعند سعفة بنت الوطن ، في التراث والحضارة والحياة والمستقبل ، تجد الخبر اليقين ".